- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3780
"اتفاقيات أوسلو" في الذكرى الثلاثين: نظرة إلى الماضي والمستقبل
Part of a series: Oslo at 30
or see Part 1: Oslo at 30: Personal Perspectives from Washington Institute Scholars A Compendium
تناقش مجموعة من المسؤولين السابقين من إسرائيل وفلسطين والولايات المتحدة إرث "اتفاقيات أوسلو" ومستقبلها كإطار لتحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني.
"في 11 أيلول/سبتمبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع نعومي نيومان، وغيث العمري، ودينس روس، وديفيد ماكوفسكي. ونيومان هي زميلة زائرة في المعهد ورئيسة سابقة لوحدة الأبحاث في "وكالة الأمن الإسرائيلية". والعمري هو زميل أقدم في المعهد وعضو سابق في فريق التفاوض التابع للسلطة الفلسطينية. وروس هو زميل "ويليام ديفيدسون" المتميز في المعهد والممثل الأمريكي السابق المكلف بشؤون عملية السلام خلال إدارتي الرئيسين بوش وكلينتون. وماكوفسكي هو زميل "زيغلر" المتميز في المعهد ومستشار أقدم سابق للمبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم".
نعومي نيومان
لا تزال السلطة الفلسطينية تعمل كسلطة وعنوان يوفر الخدمات المدنية لشعبه، على الرغم من التوقعات التي تشير إلى عكس ذلك. ولكنها ضعيفة بنيوياً وغير مستقرة اقتصادياً وفاسدة. وقد أدى تراجع شرعيتها نتيجة لذلك إلى تضاؤل ثقة المواطنين في فكرة حل الدولتين مع إسرائيل.
وعلى الرغم من انحسار الأفق السياسي، إلّا أن الفصل الثاني من "اتفاقيات أوسلو" لا يزال ممكناً. ويجب أن تتضافر ثلاثة عناصر حاسمة لإحياء عملية السلام. أولاً، يحتاج الجانبان إلى قيادة شجاعة لكسر الجمود الدبلوماسي. ثانياً، يتعين على كلا الشعبين إضفاء الشرعية على قيادتهما السياسية للتصديق على عملية صنع القرار في كل من الحكومتين. وأخيراً، يجب أن تصبح الأصوات المعارضة للسلام أضعف أو غير مهمة في الحوار السياسي.
ومع ذلك، فشل الرئيس محمود عباس في ترك إرث حقيقي (على سبيل المثال، دولة فلسطينية مكرسة لنبذ العنف)، في حين قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بدوره بدعم سياسة "إدارة النزاع" بدلاً من إنهائه. وفي هذه الأجواء، أخذت الأصوات الرافضة تكتسب أهمية، وأصبحت وجهات النظر المتطرفة تهيمن الآن على الجوانب الرئيسية لعملية صنع القرار. ولإعادة إحياء عملية السلام، سيكون من الضروري إجراء بعض التغييرات في كلتا القيادتين.
سيتطلب استئناف الحوار السياسي أيضاً انتقالاً سلساً للقيادة عند خروج عباس من الساحة السياسية. وحتى ذلك الحين، من مصلحة إسرائيل الاستراتيجية تقوية السلطة الفلسطينية، وإلا فقد ينشأ فراغ في مرحلة ما بعد عباس، مما يمكّن الشخصيات الداعمة للعنف من احتلال مركز الصدارة. وستتطلب إعادة تأهيل السلطة الفلسطينية خطوات إسرائيلية وفلسطينية جوهرية لا تقتصر على الإصلاحات الحقيقية، بل تشمل أيضاً الإجراءات التي تحافظ على إمكانية الحوار والأفق السياسي الأوسع. وسيتعين على إسرائيل وقف التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وزيادة التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية بما يحد من الأعمال الإرهابية التي يقوم بها المتطرفون من كلا الجانبين. وعلى الرغم من أن استعادة شرعية السلطة الفلسطينية وفعاليتها لن تكون بالمهمة السهلة، إلّا أن القيام بذلك يشكل ضرورة أساسية لمستقبل عملية السلام.
ومن غير المرجح إحراز تقدم كبير على الساحة السياسية في المستقبل القريب، ولكن من غير الصحيح القول إن "اتفاقيات أوسلو" غير مهمة. فقد خلقت الاتفاقيات واقعاً من المستحيل عكسه، ويتعين على كافة الأطراف بذل قصارى جهدها لتعزيز الاعتقاد بأنه ستتم صياغة الفصل التالي من "اتفاقيات أوسلو" عما قريب.
غيث العمري
قد يؤدي التأمل التاريخي في سنوات ما بعد أوسلو أحياناً إلى دفع المراقبين إلى تصور ماضٍ مثالي ما قبل أوسلو. ومع ذلك، يتعين على كلا الطرفين أن يضعا في اعتبارهما الوضع الراهن الفعلي الذي كان سائداً عندما تم التوقيع على الاتفاقيات.
وفي عام 1993، كانت الحركة الوطنية الفلسطينية تمر بإحدى أضعف لحظاتها، ووجدت "منظمة التحرير الفلسطينية" نفسها معزولة بعد وقوفها إلى جانب غزو صدام حسين للكويت. وفي غياب أي موارد دبلوماسية أو مالية يمكن الاعتماد عليها، كانت "منظمة التحرير الفلسطينية" مقيدة بشدة، وأنقذت "اتفاقيات أوسلو" فعلياً القضية الفلسطينية كحركة وطنية منظمة.
كما أرست "اتفاقيات أوسلو" الأساس لهيكلين حاسمين لا يزالان قائمين حتى اليوم، وهما السلطة الفلسطينية وحل الدولتين. وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية غارقة حالياً في القضايا الداخلية، إلا أنها خلقت عنواناً للحركة لتمارس منه تطلعاتها السياسية وإطاراً مؤسساتياً لإقامة الدولة الفلسطينية. فضلاً عن ذلك، لم تكن فكرة الدولتين لتوجد في المقام الأول لو لم تحقق "اتفاقيات أوسلو" إمكانية الاعتراف المتبادل. وفي حين لا يزال حل الدولتين القابل للتطبيق أمراً بعيد المنال، إلا أن مفهوم "دولتين لشعبين" أصبح مسألة إجماع دبلوماسي والإطار المفضل الذي يتعامل من خلاله المجتمع الدولي مع النزاع.
ومع ذلك، تواجه أسس "اتفاقية أوسلو" ضغوطاً شديدة. فالسلطة الفلسطينية لم تحقق بعد هدفها الأولي، وهو إنشاء دولة فلسطينية، كما تتضاءل ثقة المواطنين في حل الدولتين. وفي المرحلة القادمة، يجب على الأطراف التركيز على أربع سياسات أساسية:
1. عدم إلحاق الضرر. في حالة إسرائيل، يعني ذلك وقف التوسع الاستيطاني غير الخاضع للرقابة، والذي يهدف إلى حد كبير إلى إفشال نموذج الدولتين المنصوص عليه في "اتفاقيات أوسلو".
دينس روس
يتمثل أحد الدروس الأساسية المستمدة من "اتفاقيات أوسلو" في أن الجانبين كان لديهما توقعات مختلفة للغاية حول ما يمثله إعلان المبادئ، وقد ساهمت هذه الفجوة في نشوء التوترات في المستقبل. فقد اعتبر العديد من الفلسطينيين "اتفاقيات أوسلو" مهداً لدولة منتظرة من شأنها إنهاء الاحتلال وتسهيل نيل الاستقلال. وفي إسرائيل، كان يُنظر إلى الاتفاقيات إلى حد كبير على أنها انتقال تدريجي للسلطة إلى السلطة الفلسطينية من أجل تقليل المخاوف الأمنية. وبالتالي، بينما أظهر الزعيمان قدراً هائلاً من الإبداع في تجاوز بعض توقعاتهما المتباينة خلال العامين الأولين من المحادثات، إلّا أن العملية فشلت إلى حد كبير في تلبية آمال أي من الشعبين. وقد أتاح ذلك فرصة للمتطرفين من كلا الجانبين لتخريب العملية وتشويه سمعة المعتدلين.
وقبل "اتفاقيات أوسلو"، أدت عقود من الرفض المتبادل بين الشعبين واقتتالهما على رقعة الأرض ذاتها إلى جعل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني مستعصياً على الحل. وقد مثّلت "اتفاقيات أوسلو" نهاية للطبيعة الوجودية للنزاع من خلال استبدال إرث الرفض المتبادل بالاعتراف المتبادل. كما أنها خلقت عنواناً للحركة الفلسطينية.
ولكن اليوم أصبحت مصداقية السلطة الفلسطينية الآخذة في التراجع تشكل خطراً على الدبلوماسية، وبدأت معالم العنف تتبلور وسط شلل كامل بين الحكومتين. وإذا لم يبرز أي تغيير أو تتجلى أي آفاق قبل مغادرة عباس للساحة السياسية، فإن العديد من الفلسطينيين سوف يتذكرون تفضيله لسياسة اللاعنف كنهجٍ فاشل وسيفضلون بشكل متزايد أولئك الذين يزعمون أن العنف ضروري وأن المفاوضات لا تجدي نفعاً. ولن تؤدي هذه الظروف إلا إلى تسريع وتيرة الانجراف نحو حصيلة الدولة الواحدة، وهذه ستكون سبباً مؤكداً لاستمرار النزاع.
وعلى الرغم من أن ديناميكيات القيادة الإسرائيلية الفلسطينية الحالية قد تجعل أي تغيير في المسار الحالي مستحيلاً، إلا أن الاتفاق الإسرائيلي السعودي يمكن أن يغير ذلك. فالسعوديون يريدون تحقيق شيء يعود على الفلسطينيين بالفائدة فيغير حياتهم من الناحية العملية مثل تحركاتهم اليومية ورفاههم الاقتصادي وأفقهم الدبلوماسي. وعلى وجه التحديد، سيتطلب ذلك الوصول الاقتصادي الفلسطيني إلى "المنطقة ج" من الضفة الغربية، وفرض قيود على التوسع الإقليمي للمستوطنات الإسرائيلية، وربما توسيع نطاق المسؤولية الإقليمية للسلطة الفلسطينية. لكن من دون إصلاح حقيقي لقضايا الحكم والفساد من قبل السلطة الفلسطينية، لن يستثمر المانحون الأجانب في البنية التحتية، ولن تتمكن الأجهزة الأمنية الفلسطينية من تحسين أدائها بشكل كبير، علماً أن ذلك يشكل شرطاً أساسياً لأي عملية نقل "المناطق ج" إلى "المناطق ب". باختصار، بينما لا يزال الاتفاق الإسرائيلي السعودي مجرد احتمال، إلا أنه قادر على الحفاظ على عملية السلام وإحداث تحول مفيد في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط وخارجه.
ديفيد ماكوفسكي
غيرت "اتفاقيات أوسلو" مسار النزاع بشكل جذري. فقبل الاتفاقيات، لم يكن الطرفان يتعاملان مباشرةً مع أحدهما الآخر ، وقد استغل رئيس الوزراء إسحاق رابين تلك اللحظة ليبدأ فصلاً جديداً من تاريخ إسرائيل. وتسلط وثائق رُفعت عنها السرية حديثاً من اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي عام 1993 الضوء على تفكيره الاستراتيجي عشية عقد "اتفاقيات أوسلو" واعتقاده بأن العملية ستكون بمثابة نقل للسلطات بناءً على الأداء الأمني الفلسطيني المثْبت. ("سيتم نشر ملخص موسع لملاحظات ماكوفسكي في المنتدى والرؤى ذات الصلة في مرصد سياسي منفصل".)
تم إعداد هذا الملخص من قبل سيدني هيلبوش.