- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
في مصر، لا يزال ثلث الشعب يميل إلى جماعة "الإخوان المسلمين" ونصفه يصف العلاقات مع الولايات المتحدة بأنها "مهمة"
كشفت نتائج جديدة لاستطلاع رأي حصري موثوق عن مواقف شديدة التباين سواء حيال توجه البلاد المحلّي أو حيال شركائه الخارجيين. لكن المصريين يتفقون عمومًا مع حكومتهم على عدّة قضايا رئيسية تتعلّق بالسياسة الخارجية. فنسبة 12 في المائة فقط تريد علاقات جيدة مع إيران, ونسبة أدنى حتى، أي 5 بالمئة فقط، لديها نظرة إيجابية حيال "حزب الله". وفي تناقض صارخ، تريد أغلبية ساحقة (71 في المئة) أن تضطلع الدول العربية بدور بنّاء في تعزيز الاتفاق الإسرائيلي – الفلسطيني.
وتشير نقطة البيانات التي تسترعي الاهتمام الأكبر في هذا الاستطلاع إلى أن 33 في المائة من المصريين المسلمين لا يزالون يعربون عن رأي "إيجابي نوعًا ما" حيال "الإخوان المسلمين" (بمن فيهم 6 في المائة لديهم "رأي إيجابي جدًّا" حيالها) وتبقى هذه هي الحال حتى رغم حظر الجماعة باعتبارها منظمة "إرهابية" وخضعت للذم المستمرّ من وسائل الإعلام خلال السنوات الخمس الماضية. ولم تتغير النسبة تقريبًا منذ الاستطلاعين السابقين في 2015 و2017.
علاوةً على ذلك, تتبنى النسبة نفسها من مسلمي مصر، أي الثلث، موقفًا إيجابيًا حيال حركة "حماس" التي تعتبر على نطاق واسع كفرع "الإخوان" الفلسطيني. وتساهم هذه النتائج، التي تختلف إلى حدّ كبير عن السياسات الرسمية، في شرح انشغال الحكومة المصرية بالاستقرار الداخلي وضبط الوضع فوق كل اعتبار. في الوقت نفسه، تشير إلى أن المعارضة الإسلامية العلنية لنظام الرئيس السيسي لن تحظى بدعم أغلبية الشعب.
لكن نسبة أكبر حتى من المصريين، حوالى النصف منهم، تعبر عن عدم رضاها عن السياسات الرسمية بشأن مجموعة من المسائل الداخلية الأخرى. فتقول 49 في المائة إن حكومتها لا تبذل جهدًا كافيًا لـ"خفض مستوى الفساد في حياتنا الاقتصادية والسياسية". وينطبق الأمر نفسه على "مشاركة أعباء الضرائب وغيرها من الموجبات تجاه الحكومة بطريقة عادلة"، حيث أن نسبة 48 في المائة ترى أن الجهد الرسمي المبذول غير مناسب. وتقول نسبة موازية تقريبًا، 43 في المئة، إن القاهرة مقصرة لجهة "حماية الحريات وخصوصية المواطنين".
وعلى نطاق أوسع، فإن الأغلبية الأكبر، أي 84 في المائة، توافق على أنه "في الوقت الراهن يعتبر الإصلاح الداخلي السياسي والاقتصادي أهم لبلدنا من أي قضية سياسة خارجية". وقد بقيت هذه النسبة على حالها مقارنة مع الاستطلاع السابق قبل عام. وتجلى الانعكاس على السياسة في أن استقرار مصر السياسي يعتمد أكثر على التطورات الداخلية أكثر من الخارجية، حتى إن كانت هذه الأخيرة تميل إلى الحصول على المزيد من تغطية وسائل الإعلام الخارجية وربما أيضًا على اهتمام رسمي.
وإنّ السؤال الوحيد المماثل المطروح حيث تقول الأكثرية (47 في المائة) إن السياسات الحكومية "تبدو صائبة" يتعلّق "بتعزيز الفرص والمساواة للنساء". في هذا الخصوص, يعتقد أكثر من ثلث المصريين بقليل، من المسلمين والمسيحيين على السواء، أن حكومتهم تبذل فعليًا "الكثير". وبشكل عام، تشير هذه النتائج إلى استياء شعبي ملحوظ من الادارة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الداخلية. لكن مرة أخرى، يبقى عدم الرضا الشفهي أو المعارضة الصريحة دون مستوى الأغلبية.
في المقابل, وفي ما يتعلّق بمسائل السياسة الخارجية المختارة، فالرأي العام يجد أن أداء الحكومة المصرية أفضل. فيعتبر نصف المصريين أن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة "مهمة" لبلدهم. مع ذلك فإن رأي 7 في المائة فقط جيد إزاء الرئيس ترامب. وأقلية فقط، أي 18 في المائة، تقول إنها تفضل "أن تقلّص الولايات المتدة تدخلها في المنطقة".
على سبيل المقارنة، تقول نسبة أقل إلى حدٍّ ما (38 في المائة) إنّه من المهم أن يكون لمصر علاقات جيدة مع روسيا. وتعبّر نسبة 8 في المائة فقط عن نظرة إيجابية إزاء الرئيس بوتين، رغم الاتفاقات والاجتماعات الرفيعة المستوى. فضلاً عن ذلك، وبالنسبة إلى إيران، تتفق آراء الشعب مع موقف الحكومة العدائي: فقط 12 في المائة من المصريين يعتبرون أنه من "المهم إلى حدٍّ ما" أن يحافظ البلدان على روابط جيدة. ونسبة أقل هي 5 في المائة فحسب تعبّر عن ميل إلى "حزب الله" حليف إيران.
وعلى صعيد القضية العربية–الاسرائيلية، لا تزال الأغلبية الساحقة من المصريين تعبّر عن آراء تتماشى مع دعم القاهرة المتحفظ لعملية صنع السلام. وترى نسبة 72 في المائة، وهي نسبة لم تتغير بالمقارنة مع العام الماضي، أنه "يجدر بالدول العربية أن تلعب دورًا جديدًا في محادثات السلام الفلسطينية–الاسرائيلية مع تقديم محفزات للجانبين لتبني مواقف أكثر اعتدالاً". ولكن إلى حين تحقيق المزيد من التقدم، تريد أقلية فقط من العرب أن "يتعاونوا مع اسرائيل في قضايا أخرى على غرار التكنولوجيا ومكافحة الإرهاب واحتواء إيران": 25 في المائة، وهي نسبة تناهز تلك المسجلة العام الماضي.
ولا يزال قلق الشعب المصري حيال القضية الفلسطينية، رغم أنها لا تحتل سلّم أولوياته عمومًا، أكبر مما هو عليه في أوساط الشعوب العربية الأخرى الأبعد، لاسيما في الخليج. وعند سؤالهم عن أولوياتهم القصوى على صعيد السياسة الأمريكية في المنطقة اختارت أكثرية (33 في المائة) من المصريين "بذل جهود أكبر في الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي". وفي المرتبة الثانية، أي 22 في المائة، أتت "قضية زيادة المساعدة الأمريكية في مواجهة الإرهاب الجهادي", تلتها بفارق كبير مسألة بذل جهد أكبر لحل الحرب الأهلية اليمينية أو للتصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة.
هذه النتائج هي من استطلاع تجاري أجرته شركة متخصصة إقليمية في تشرين الثاني/نوفمبر من خلال إجراء مقابلات وجهًا لوجه مع عينة تمثيلية على الصعيد الوطني ضمت ألف مصري. واستخدم الاستطلاع تقنيات أخذ عينات متعددة الاحتمالات الجغرافية مع هامش خطأ إحصائي يبلغ نحو 3 في المائة. إن البيانات غير مرجحة وقد شملت العينة الإجمالية 94 في المائة من المسلمين و6 في المائة من الأقباط المسيحيين. يمكن الوصول إلى التفاصيل المنهجية الكاملة عند الطلب.