- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
هجوم داعش على سجن الحسكة يتسبب في محاصرة الأحياء
أدى هجوم تنظيم الدولة الإسلامية على سجن الحسكة، والقتال المستمر حول المنشأة إلى خلق كارثة إنسانية لسكان المنطقة.
في العشرين من شهر كانون الثاني / يناير الجاري و خلال زيارتي لبيت أهلي في عطلة نهاية الأسبوع وقع انفجار ضخم أمام بوابة سجن الصناعة بالقرب من حي غويران جنوب مدينة الحسكة. آثار الصوت ومنظر الدخان و النيران المتصاعدان الرعب في نفوس سكان الحي والأحياء المجاورة. بدأ التساؤل عما إذا كان هذا الانفجار شيء طبيعي تو بفعل فاعل في بلد أنهكتها الحرب، وعن تبعات الانفجار.
ففي نفس اليوم التزم السكان بيوتهم خائفين من ما قد تم تداوله على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ففرار العديد من عناصر تنظيم داعش من هذا السجن القريب من الأحياء التي يقطنها المدنيين أمر مثير للرعب بالضرورة.
في وقت متأخر من تلك الليلة، اجتاح ما يقدر بنحو 200 مقاتل مجمع السجون، مستخدمين سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة، بينما قام السجناء داخل المنشأة بأعمال شغب وتغلبوا على بعض الحراس. مثل الهجوم على سجن غويران، حيث يحتجز ما يقدر بنحو 3000 من المشتبه فيهم بالانتماء تنظيم " داعش"، أهم عملية لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا منذ سنوات.
لم تكن ليلة سهلة فجميع سكان الحي بقوا بعيون مفتوحة طيلتها ولم ينام أحد بين هؤلاء الأسرى الفارين، فصوت القصف المدفعي والطيران الحربي و الاشتباكات لم تنضب لحظة. قمنا بترتيب حقائب السفر وكان الأطفال يخشون الموت والشيوخ يهابون النزوح في مثل هذه الليلة الشتوية الباردة حيث كان الثلج حينها يغطي الطريق الواصل بين الحسكة عامودا حيث أعمل وبين منزل والدّي.
وحاليا، تقدر الأمم المتحدة نزوح 45 ألف من السكان في اليوم التالي ، وتحديدا من حي الزهور المواجه لسجن الصناعة و سكان حي غويران بشقه الشرقي أكثر من ذلك الغربي. بسبب هروب العناصر (عناصر ما يسمى بتنظيم الدولة) إليه حركة النزوح الأولى لم تكن كبيرة لكن من تبقى صامداً في منزله أصبح يفكر جدياً بالخروج كما جاره أو قريبه على سبيل المثال.
مع استمرار القتال، قام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بشن ضربات جوية وقدم "دعمًا بريًا محدودًا" لقوات سوريا الديمقراطية، وذلك وفقًا لبيان البنتاغون. لم يكن إجمالي عدد القتلى والجرحى والمقاتلين الذين أُعيد القبض واضحا، ومع ذلك، تقول التقارير أن ما لا يقل عن 200 من السجناء والمسلحين و 30 من قوات الأمن قد لقوا مصرعهم.
لم تهدأ الاشتباكات و الطيران الأميركي لأكثر من خمسة أيام رغم ما يتصدر العناوين الرئيسية في الإعلام عن السيطرة على الأمور، مداهمات و أصوات إطلاق رصاص لا نعلم ما سببها.
عندما تحدث الهجمات والاشتباكات، يمكن أن تصبح المعركة نفسها "بقعة ضوء" بينما تتلاشى آثارها على المساكن المحيطة. وتشير التقديرات إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المحيطة قد فروا من منازلهم، لكن بالنسبة لأولئك الذين بقوا في الحي، فسرعان ما أصبحت الحياة بالنسبة لهم رهيبة بشكل متزايد، حيث لا يزال الاتصال بالإمدادات الخارجية مقطوعًا.
لا طريق للمساعدات الإنسانية لمن تبقوا ها هُنا في الحي، تمنع الحركة و المحلات و الصيدليات، ولم يكترث أحد ما إن استطاع السكان تدبر أمرهم وتأمين قوت يومهم أو هل كان باستطاعة من فرغت علبة دوائه الضرورية أن يشتري أخرى مهما كان ثمنها.
عندما سألتني أم عبد الرحمن وهي مسنة من الحي: "يا ابنتي هذه آخر حبة دواء لمرض السكري الذي أعاني منه، ماذا بوسعي أن أعمل في حال طالت الحرب؟" وقفت حائرة لا أستطيع إجابتها فنصحتها بالخروج من منزلها والذهاب لمكان أكثر أماناً، لكنها رفضت وبشدة حيث كانت حجتها أن لا سيارة ستقلها و هي عاجزة عن السير. لم يقتصر الأمر فقط على الدواء فقد عايش من تبقى نقص في الخبز و الغذاء و حرمان من الكهرباء العامة و تلك الخاصة بسبب نص الوقود أيضاً.
وفى يوم الخميس الماضي، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة أن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية ما زالوا يحتجزون قسمًا من سجن غويران في شمال شرق سوريا، وذلك رغم إعلانها سابقا وبالتحديد يوم الأربعاء الماضي عن استعادة السيطرة على المنشأة. ولليوم الثامن على التوالي ورغم إعلان النصر على تلك الفصائل مازال سكان الأحياء الجنوبية من مدينة الحسكة يعانون الأمرين، لأن الحصار لم ينتهي بعد ومازال سكان تلك المناطق يفتقرون لأبسط مقومات الحياة ناهيكم عن صوت الاشتباكات التي ورغم أنها أقل بكثير من الايام السابقة الا انها لازالت متواجدة.