- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
لدي حلم في سوريا ديمقراطية
ثلاثة و خمسون عاماً على الخطاب الشهير الذي ألقاه مارتن لوثر كينغ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺼﺐ ﺍﻟﺘﺬﻛﺎﺭﻱ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﺳﺒﻖ ﺃﺑﺮﻫﺎﻡ ﻟﻴﻨﻜﻮﻟﻦ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪًﺍ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ و التي اشترك فيها 250 ﺃﻟﻒ ﺷﺨﺺ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻧﺎﺩﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺈﻧﻬﺎﺀ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺠﻤﻠﺘﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ : ((ﻟﺪﻱ ﺣﻠﻢ ﺑﺄنه في ﻳﻮم ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺃﻃﻔﺎﻟﻲ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺳﻴﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﺷﻌﺐ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺄﻟﻮﺍﻥ ﺟﻠﻮﺩﻫﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻤﺎ ﺗﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺧﻼﻗﻬﻢ ..لدي ﺣﻠﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﻓﻲ يوم ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﻋﻠﻰ ﺗﻼﻝ ﺟﻮﺭﺟﻴﺎ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ ﺳﻮﻑ ﻳﺠﻠﺲ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻭﺃﺑﻨﺎﺀ ملاك ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻣﻌًﺎ على مائدة ﺍﻷﺧوة )) .
التفكير بالحالة الأمريكية جعلني كسوري أستغرب من عدم ظهورأي شخص ليصرخ بأعلى صوته لدي حلم ... أحلم بمستقبل أفضل لبلدي وشعبي.. بلدي الغارق في واحدة من أبشع و أفظع الحروب التي عرفتها البشرية.
خمس سنوات ونيف ولا أرى ولا أسمع في بلدي صوتا "عاليا" ينادي بالمحبة والتسامح؟!
خمس سنوات ونيف والإعلاميون والناشطون السوريون يتبارون لأخذ صور السيلفي مع جثث القتلى...
خمس سنوات و نيف و عبارة "تم الدعس" صارت لازمة عند نشر صور القتلى ...
خمس سنوات و نيف و مازلنا كلما رأينا صورة أو مقطعا " لأشلاء الأطفال نسأل عن هوية و مذهب و عرق الأشلاء و من بعدها نقرر هل نبدي أسفنا و حزننا أم نعبر عن فرحتنا ؟!
خمس سنوات ونيف من عمر الأزمة السورية لم تكن كافية ليقول السوري "لدى حلم".
قالها سعدالله ونوس الكاتب والشاعر السوري الراحل: نحن محكومون بالأمل ..... لذا أنا المواطن السوري أعلن رفضي القبول بفكرة التعايش مع الكوابيس .. فأنا لدي حلم .. لدي حلم أن يتم التخلص من الارهاب بشكل نهائي و لكي يتم ذلك يجب استمرار تقديم الدعم للقوة الحاملة لراية محاربة الارهاب و أخص وحدات حماية الشعب YPG .
فلقد أثبت التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ووحدات حماية الشعب نجاعته وجديته وهذا ما لمسه وشاهده العالم بعد تحرير منبج وطرد داعش منها كيف عاد السوريين للتصرف على طبيعتهم وببساطتهم المعهودة.
هذه الصور لم نجدها عندما دخل الجيش التركي برفقة فصائل اسلامية (حركة نور الدين الزنكي - الجبهة الشامية - فيلق الشام - فرقة السلطان مراد) إلى جرابلس بل الكثير من المدنيين المقيمين في جرابلس قالوا لنا إن تنظيم داعش الإرهابي قد تم استبداله بفصائل إسلامية راديكالية.
لدي حلم ببناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على أساس المواطنة، وأن يكون لنا كسوريين سلطة حاكمة يكون المعيار الوحيد لاختيار المسؤولين فيها هو الكفاءة بغض النظر عن الدين والمذهب والعرق والجنس، والا يتم تعيين مسؤول لا يملك المؤهلات الكافية فقط للحافظ على التوازن الطائفي والعرقي.
انطلاقا من الكفاءة قد يكون كل المسؤولين هم مسيحيين أو مسلمين أو عرب أو كرد ، و قد يكون كل المسؤولين سيدات أو كلهم رجال و إيمان الشعب بالمواطنة يكفل ألا يعترض المواطنون على كل هذه التعيينات طالما أن المعيار هو الكفاءة ، فالمحاصصة التي تقوم على أساس الدين و المذهب و العرق و الجنس ثبت أنها تفاقم المشكلة و لا تحلها و هذا ما شاهدناه في العراق فعلى الرغم من تعيين رئيس كردي للعراق و رئيس حكومة شيعي و رئيس برلمان سني إلا أن هذه المكونات لم تشعر بالاستقرار و الانتماء للوطن و زادت المحاصصة من تقوقع كل مكون على نفسه و عدم ثقته ببقية المكونات .
لا يمكن تحقيق هذه الأحلام وبناء دولة مدنية ديمقراطية لامركزية مرتكزة على أساس المواطنة إلا عبر تعديل ميزان القوى السياسية وذلك بالعمل على تأسيس تحالف عريض عابر للمذاهب والقوميات لا يكون أسيرا لمسميات (معارض ومؤيد) باتت سمجة في ظل الحالة الكارثية التي وصلنا لها. فكثير من المشاريع أجهضت لأن القائمين عليها كانوا حريصين على المحافظة على لقب المعارض أكثر من حرصهم على نجاح المشروع و كأن لقب المعارض يمنحهم صك الغفران .
ولكي يكتب لهذا التحالف النجاح عليه أن يحظى أولا بدعم المهمشين وهي الطبقة التي يسميها البعض الطبقة الصامتة فعلى القائمين على هذا التحالف أن يتمكنوا من مداعبة مشاعر وأحلام هذه الطبقة الصامتة ليحولوها لطبقة فاعلة تكون بمثابة الحرس الحقيقي والضامن لدولة المواطنة. و ثانيا" أن يحظى بدعم من المجتمع الدولي فمحاربة المنظمات الارهابية المتواجدة على الأراضي السورية و هي ضرورة لإنجاح الحل السياسي للأزمة السورية ، لن يكتب لها النجاح إلا بتضافر الجهود الدولية . إن إحلال الأمن والسلام في سورية إضافة لكونه واجب أخلاقي تمليه كافة الشرائع الدولية.
كيف للعالم أن يعيش حياة طبيعية وقلبه عليل؟
ريزان حدو هو كاتب ومحلل سياسي وناشط حقوقي كردي سوري.
"منتدى فكرة"